أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، مذكرتيّ اعتقال بحق بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق في حكومة الحرب الصهيونية يوآف جالانت، بتهمة الهجوم على السكان المدنيين في قطاع غزة، وارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، تشمل: استخدام التجويع كسلاح حرب، والقتل، والاضطهاد، و"غيرها من الأفعال غير الإنسانية".
ومع التسليم بتأخر صدور هذه الأوامر، بعد ما يزيد على عام مِن حرب الإبادة الجماعية، ومع الإقرار بعدم استقلال هذه المحكمة باعتراف رئيسة سابقة لها، فإن هذا الأمر يضع "المجتمع الدولي" على المحك مرة أخرى.
ورغم أن الكيان الصهيوني تحدى الأمم المتحدة، وما يسمى بالمجتمع الدولي لا يسمع، لا يرى، لا يتكلم، حيث قام الكيان:
- بحظر "الأونروا" في فلسطين.
- قتل واستهداف قوات "اليونيفل" في لبنان.
- منع سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من دخول الكيان الصهيوني.
- ومن قبل مزَّق مندوبها لدى الأمم المتحدة ميثاق الأمم المتحدة، ووجه ألفاظا نابية للمنظمة الدولية وأعضائها.
إلا أن هذه الأوامر تمثل ضغطاً إضافياً على مجرمي الكيان الصهيوني مِن جهة:
- عدم تمكن هذين المجرمين مِن السفر إلى 124 دولة وقعت على اتفاقية روما التي أسست المحكمة.
- إمكانية تفعيل الولاية القضائية الدولية.
حيث تلتزم الدول الأطراف باتفاقيات جنيف الأربع بنظام "المخالفات الجسيمة" الوارد بشكل موسع في البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، والذي ينص على أن الدول الأطراف مُلزمةٌ بالبحث عن الأشخاص الذين يُدعى ارتكابهم، أو إصدارهم أوامر بارتكاب انتهاكات لاتفاقيات جنيف الأربع، وبروتوكولها الأول، والتي تُعتبر مخالفات جسيمة، وبمحاكمة هؤلاء الأشخاص بغض النظر عن جنسيتهم أمام محاكمها، أو تسليمهم إلى دولة طرف معنية أخرى كي تحاكمهم.
ويُعتبر هذا النظام خروجاً على مبدأ إقليمية القوانين.
والعنصر الأساسي لتطبيق مبدأ الولاية القضائية الدولية هو: ارتكاب جرائم تمس حقوق الإنسان الأساسية المشمولة بحماية دولية، والمعترف بها دولياً بموجب اتفاقيات محددة، أو قواعد القانون الدولي.
ومِن أخصِّ هذه الجرائم ما نص عليه القانون الدولي الإنساني:
- جرائم الإبادة الجماعية.
- الجرائم ضد الإنسانية.
- جرائم الحرب.
- جريمة العدوان.
فكل ما يخص حماية المدنيين، وحماية الأعيان المدنية، وحماية الأشخاص الذين توقفوا عن القتال، وتقييد وسائل وأساليب القتال، يدخل في نطاق الولاية القضائية الدولية.
وقد أدرجت بعض الدول بتشريعاتها الوطنية قائمة المخالفات الجسيمة بشكل متفاوت، فبعض هذه الدول لها ولاية قضائية على بعض الجرائم دون بعض، ويختلف تاريخ سريان هذه الولاية مِن دولة إلى أخرى، وتشترط بعض الدول إقامة الجاني على أراضيها.
ويبدو أن الدولتين الوحيدتين اللتين لهما ولاية قضائية عالمية كاملة حتى اليوم هما "ألمانيا والنرويج".
وقد قضت محكمة العدل الدولية بأن رؤساء الدول، وبعض الوزراء يتمتعون بحصانة أمام المحاكم الوطنية، والمحاكم التابعة لدولة ثانية أثناء ممارسة مهامهم.
لكن لا حصانة لهم أمام المحاكم الدولية، كالمحكمة الجنائية الدولية.