ظاهرة العنف المجتمعي المنتشرة الآن في المجتمع بين كل الفئات العمرية من الجنسين والتي قد تنال الجميع والتي أيضا تتعدد صورها من عنف وقتل أو اغتصاب واعتداء على الأعراض أو أخذ أموال بغير حق أو إذلال وقهر للغير ...إلخ؛ ما هي إلا أعراضا لأمراض مهلكة منتشرة في جسد المجتمع نتيجة لضعف وقلة جرعات المناعة اللازمة لمقاومة شهوات النفس البشرية، فالنفس البشرية بطبعها أمارة بالسوء ولا يمنعها عن ذلك -إن كانت في اتزانها العقلي- إلا لجام الخوف من الله والحرص على رضاه أو الخوف من العقوبات المادية التي قد تحل بها.
لذلك فإن الحلول الناجحة لمواجهة هذه الأعراض المستشرية الآن في المجتمع ترتكز على علاج تلك الأمراض علاجا جذريا يُذهب العرض ويحافظ على قوام وصحة الجسد في المستقبل، وهي مسئولية جماعية تقع على عاتق الجميع من آباء وأمهات في نطاق الأسرة، ومصلحين ومربين في نطاق المجتمع، وسياسيين وحكومات في نطاق القوانين والتشريعات
واجب الآباء والأمهات
فالآباء والأمهات؛ يجب عليهم:
١- ممارسة مسئوليتهم التربوية تجاه أبنائهم والتي تبدأ من حسن اختيار الزوج أو الزوجة لشريك الحياة الذي يتحمل تلك المسئولية معه، ثم تستمر هذه المسئولية بالحرص على إيجاد جو أسري دافئ منضبط بشرع الله بعيدا عن المشاكل المستمرة –والتي تنتج بكثرة بسبب البعد عن الالتزام التطبيقي بالتشريعات الإسلامية في الأحوال الشخصية والتي هي في الحقيقة ضامن للحقوق الزوجية والأسرية وضبط لمصالح جميع أفراد الأسرة طبقا لما أقره الله عزوجل الخالق سبحانه وتعالى وارتضاه؛ حيث يعد البعد عن التزام التشريعات الإسلامية من أعظم أسباب التطبيق الخاطئ لمفهوم القوامة والذي يحدث من بعض الأزواج للأسف أو يسبب تأثر الزوجات في المنطقة العربية بتلك التقليعات النسوية الغربية الهادمة لقوام الأسرة في المجتمع– وذلك حتى يتاح لجميع أفراد الأسرة من زوج وزوجة وأبناء حياة هادئة مستقيمة تمنع انفلات أفراد الأسرة واضطرابهم النفسي الذي يؤدي إلى ممارسة العنف في صوره المختلفة.
٢- العمل على تعلم مهارات التربية اللازمة لتهيئة أفراد الأسرة لنمو طبيعي هادئ
٣- الحرص على أن يكونوا قدوات حقيقة صالحة لأبنائهم في تصرفاتهم وأقوالهم، حريصين على تحقيق التقوى المرضية لله سبحانه وتعالى في حياتهم وحياة أبنائهم.
٤- العمل على متابعة أبنائهم باستمرار ومعرفة أصدقائهم ومراقبة وسائل التواصل التي يستخدمونها، فهذا من تمام مسئوليتهم التي تعمل كحالة وقائية لمنع انحدار أبنائهم، مع الحرص التام على ايجادهم في بيئات ووسط صداقات صالحة تدفعهم للخير وتبعدهم عن كل شر.
واجب الدعاة والمصلحين
أما الدعاة والمصلحون في المجتمع؛ فعليهم واجبات كثيرة منها:
١- إخلاص النية لله في أعمالهم، مع الاستمرار في نشر الخير بين الناس مهما كانت العوائق والعقبات، فتلك هي وظيفة الأنبياء التي يجب ألا يعيقها زمان ولا مكان ولا حال.
٢- العمل على شمولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع كل الفئات وفي كل المجالات بالحكمة والموعظة الحسنة.
٣- التجديد في أساليب ووسائل الطرح بما يناسب الأجيال الجديدة ويجذب الفئام منهم لحسن الاستماع لصوت الحق ويستخرج من نفوسهم بذور الخير وينميها، ويبعد عنهم نزغات الشياطين وتسلطها.
٤- بث الأمل وفتح أبواب الرجاء والعودة إلى الله في نفوس المتلبسين بمثل هذه الأفعال الغارقين في مثل هذه المستنقعات، مع تخويفهم بالله من مغبة الإستمرار في مثل هذا الطريق وبيان سعة رحمة الله لمن عاد إلى الطريق المستقيم، لأن التيئيس والإحباط لن يؤدي بهم إلا لمزيد من العنف والضياع والتدمير لكل من حولهم أو محتك بهم.
واجب السياسيين والهيئات الحكومية
وأما واجب السياسيين والهيئات التنفيذية في الوزارات المختلفة الحكومية تجاه هذه الظاهرة فهو حجر أساس ضابط للمسارات ودافع حقيقي للتفعيل العملي المانع من تفاقم الظاهرة، ومن ذلك:
١- استحداث وتفعيل القوانين الرادعة لمثل هذه السلوكيات الإجرامية والاعمال المشينة وصور العنف المتعددة بحسم وقوة، وتطبيقها على الجميع - ممن بلغ حد التكليف الشرعي- على حد سواء بغض النظر عن قوة نفوذ البعض أو ضغوطات البعض الآخر من المتأثرين بالنموذج الغربي.
٢- إتاحة الفرصة كاملة للدعاة والمصلحين المؤثرين على الحقيقة في فئات المجتمع للاختلاط بالمجتمع ونشر المفاهيم الدينية الصحيحة والقيم الأخلاقية التي يحبها الله تخويفا من عقاب الله، وترغيبا فيما عند الله، فهذا أول علاج حقيقي لمثل هذه الامراض الفتاكة مع ضرورة تحقيق التكامل بين ذلك وبين المختصين في المجال النفسي والطبي لاستكمال النظام العلاجي اللازم لبعض الحالات.
٣- ضبط مسارات التوعية اللازمة للأسر و أفراد المجتمع بطبقاته المختلفة لعلاج هذه الظاهرة عن طريق تهديف الأنشطة التي تقوم بها الوزارات المختلفة مع ضرورة الحرص على تحقيق التكاملية بين الوزارات المعنية بذلك كوزارة الإعلام أو وزارة الثقافة أو الأوقاف أو التضامن الإجتماعي أو الداخلية .
٤- زيادة محاربة تجارة المخدرات والخمور بكل صورها وتغليظ العقوبات في أشد صورها، فهي من أعظم أسباب ذهاب العقول وزيادة العنف وضياع القدرة على بناء الأجيال بناء صحيحا يضمن استقرار المجتمع وتفعيل الإنتاجية فيه.
٥- العمل على رفع متوسط دخل الفرد والأسرة بصورة معقولة تتيح للأسر مراعاة أبنائها وبناتها تربويا واخلاقيا، وتمنع تركهم لهذه الواجبات الأساسية تحت ضغط مطحنة الحياة الاقتصادية.
٦- ضرورة العمل على عدم تصدير القدوات المفسدة للشباب والفتيات بمنع أعمال الإفساد الفني المُصَدِرة للعنف او للعهر والمجون في المجتمع والذي يسعى أغلب الشباب والفتيات –لا سيما من هم في عمر المراهقة– إلى تقليدها وتنفيذ ما يرونه كنماذج عملية مدمرة في المجتمع.
٧- الحرص على التصدير الإعلامي المستمر للنماذج والقدوات الصالحة في المجتمع ودعم ذلك باستمرار لتقتدي بها الأجيال ويحرص على إيجادها الآباء.
٨- الإنتباه لما يحدث من المنظمات ذات الأجندات الغربية من محاولات لخلخلة القيم المجتمعية وهدم للقواعد التشريعية باستخدام كل الطرق المتاحة أمامهم سواء كانت مباشرة بالمطالبات الفجة بتغير منظومة القيم الأسرية طبقا للنظم الغربية أو غير مباشرة باستخدام وسائل الدراما كمثال مؤثر في تهيئة المجتمع لتقبل تلك الأجندات الأسرية التغريبية والمدعومة من الخارج عبر رجالهم بالداخل بكل الوسائل.
نسأل الله أن يحفظ بلادنا وابناءنا وشعوبنا وأمتنا من كل مكروه وسوء.