إن مصر من البلاد الغنية بالموارد، سواء بالموارد البشرية أو الطبيعية، فالمشكلة ليست في قلة الموارد ولكن في عدم استغلالها وسوء إداراتها، وسوف أتحدث في هذا المقال عن بعض الموارد العظيمة التي تتمتع بها مصر، والتي إن تم استغلالها على الوجه الصحيح لكان الحال غير الحال، فمثلًا مصر تعتبر أكبر دولة مصدرة للعقول، فالعلماء المصريون علامات بارزة ومتميزة في جامعات العالم في كافة المجالات، وكلنا يعلم لماذا هاجرت هذه العقول واستفاد منها الخارج ولم يستفد منها الوطن! وذلك لعدم وجود البيئة التي تحتضن النوابغ وترعاهم وتوفر لهم إمكانيات البحث والانطلاق، بل العكس هو الموجود للأسف، وإذا نظرنا إلى ميزانيات البحث العلمي في الدول المتقدمة وميزانية البحث العلمي عندنا لوجدنا البون شاسعًا.
ثم تأتي منظومة التعليم التي اعتمدت على الحشو والحفظ مما يقتل الابتكار. إن نقطة البداية لأي مجتمع يريد أن ينهض هي التعليم.. ولنضرب مثالًا بدولة سنغافورة التي كانت تعتبر من أفقر الدول في بداية الخمسينيات، وكيف كانت نقطة الإنطلاق هو الإهتمام بالتعليم حيث أنهم خصصوا نصف ميزانية الدولة للتعليم، فكانت النتيجة ما وصلت إليه سنغافورة الآن، فلايمكن لدولة أن تنهض والتعليم فيها ضعيف أو منهار.
مورد بشري عظيم آخر: الشباب، فمصر تتمتع بقوة شبابية عظيمة لو أحسن استخدامها لكانت قاطرة التنمية والنهوض بالوطن، المقصود بحسن الاستخدام هو حسن الإعداد وأول درجات الإعداد؛ الإعداد الأخلاقي بغرس معاني الإنتماء للدين والوطن، والتربية على معالي الشيم والأخلاق والجدية والتضحية، لا أن يكونوا مسخًا تافهًا ليس لهم قضية ولا هدف وهنا يأتي دور الأسرة والمجتمع والتعليم والإعلام، والدولة هي المسؤول الأول عن ذلك بإيجاد إعلام هادف ومنظومة تعليم تعيد للمدرسة مكانتها وللمعلم هيبته كمربي وقدوة، وحماية الشباب من معاول الهدم وبيئات الإنحراف والشهوات وتوفير نشاطات وفرص عمل تستوعب هذه الطاقات وإتاحة الفرصة في التعبير عن الرأي لهؤلاء الشباب للمشاركة الحقيقية في الحياة السياسية وتعميق روح الإنتماء عندهم وذلك لا يكون إلا بتحقيق العدل الذي يكون فيه جميع الشباب على قدم المساواة دون تميز أو واسطة أو محسوبية..